إيتو وأمم إفريقيا.. كيف يقود الكاميروني “ثورة وهمية”؟

إذا كنت أحد متابعي كأس أمم إفريقيا، فبالطبع قرأت هذه التصريحات النارية على لسان نجم الكرة السابق صامويل إيتو من قبل، رفقة عبارات أخرى تشير إلى “انتصار إفريقيا” على حساب افيفا، لكن اتضح أن أغلب هذه التصريحات غير حقيقية، وأن “ثورة إيتو” وهمية لا يعلم هو نفسه عنها شيئا.

والأخبار الكاذبة حتى الآن أحد أسوأ مظاهر البطولة التي تستضيفها الكاميرون، بداية من تواجد ثعبان في غرفة أحد لاعبي تونس، وصولا إلى واقعة “ميكروباص الجزائر”، إلا أن إيتو، رئيس الاتحاد الكاميروني لكرة القدم، كان صاحب نصيب الأسد من هذه التصريحات المفبركة.

هذه الفوضى العارمة لم تتواجد على منصات التواصل الاجتماعي فقط، بل وصلت إلى كبرى المواقع الإعلامية والبرامج الرياضية الشهيرة، ببساطة كان الجمهور والإعلام يناقش أحداثا وهمية.

تصريحات إيتو “الوهمية” تفتح الباب لطرح عديد من التساؤلات: لماذا يصر الجمهور على صناعة “بطل من ورق”؟ هل يحب الجمهور أحيانا الأخبار الكاذبة؟ ولماذا فشلت وسائل الإعلام في الصمود أمام “ترند وهمي”؟

البحث عن بطل

يقول الناقد الرياضي محمد علاء، إن الجمهور الإفريقي كان يبحث عن بطل يمكنه التعبير عن آرائهم بوضوح، وجاءت الظروف مثالية لاختيار إيتو للقيام بهذا الدور.

ويضيف علاء لموقع “سكاي نيوز عربية”: “مع تولي إيتو منصب رئاسة الاتحاد الكاميروني للعبة بالتزامن مع استعداد بلاده لاستضافة البطولة، وسط عديد من الأنباء بإلغائها أو تأجيلها، كان إصرار الكاميروني ومساندته للاتحاد الإفريقي من أجل إقامتها في موعدها مناسبا تماما لبناء قصة بطولته كمسؤول لا كنجم كرة للمرة الأولى”.

في نهاية نوفمبر الماضي، أعلن الفيفا عن إقامة كأس العالم للأندية خلال الفترة من 3 حتى 9 فبراير، مما يهدد ممثل القارة الإفريقية بالبطولة الأهلي المصري، بخسارة عديد من نجومه الدوليين المشاركين في أمم إفريقيا، المستمرة حتى 6 فبراير المقبل.

وعقب إعلان “فيفا” بقرابة أسبوعين، أرسلت رابطة الأندية الأوروبية خطابا رسميا للاتحادين الدولي والإفريقي لكرة القدم، تطالب فيه بإلغاء بطولة كأس الأمم الإفريقية في الكاميرون.

وفي مقابلة مع موقع “ذا أتلتيك” عقب تولي منصبه الجديد، أعلن إيتو بوضوح إصراره على إقامة البطولة في موعدها، داعما للاتحاد الإفريقي في “حربه الباردة ضد الفيفا”.

ويتابع علاء: “إيتو كان الخيار الأفضل للجماهير من أجل قيادة ثورتهم، لأنه دائم الصعود على منصات التتويج الأوروبية، ويمكنه التأثير في جمهور أوروبا وبالتالي على الفيفا، لذا منحته الجماهير هذه السلطة حتى على حساب رئيس الكاف باتريس موتسيبي، رجل الأعمال الجنوب إفريقي الذي يمكنه تقديم الكثير للعبة بالقارة”.

وفي السياق ذاته، يقول الصحفي المتخصص في التحقق من المعلومات محمد سالم، إن بعض الصفحات الرياضية على منصات التواصل الاجتماعي أصبح لها تأثير كبير على الملايين من محبي كرة القدم، و”بات تأثيرها يفوق المنصات الإعلامية”.

فبركات وفرقعات

ويضيف سالم: “المسؤولون عن هذه الصفحات ليسوا إعلاميين محترفين، لذا لا يملكون أي قواعد مهنية في نشر المعلومات، ويبحثون فقط عن زيادة التفاعل وعدد الإعجابات، وكانت تصريحات إيتو المزيفة بمثابة دجاجة تبيض ذهبا لهذه الصفحات، لأنها تروق لقطاع كبير من الجمهور”.

ويتابع: “ما زاد الأمور سوءا انجراف عديد من المنصات الإعلامية مع الموجة، ونشرها لهذه التصريحات مجهولة المصدر، وهو ما أعطى عمقا أكبر للكذبة، وسمح بتداولها أكثر وأكثر”.

ويتفق معه الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز، قائلا إن “الهدف من الأخبار الكاذبة خلق واقع مواز، تقول خلاله الجماهير ووسائل الإعلام ما تريد. عندما لا تروق لك الحقيقة، يمكنك قول الحقيقة التي تعجبك”.

ويضيف عبد العزيز لموقع “سكاي نيوز عربية”: “مع ظهور منصات التواصل الاجتماعي، دخل (الترند) في هذه المعادلة مما زاد الأمور سوءا. وفقا للعديد من استطلاعات الرأي، يؤكد مستخدمو وسائل الإعلام التقليدية والحديثة أن ما يقارب 30 بالمئة من المحتوى المقدم لهم مبني على أخبار كاذبة”.

ويردف الخبير الإعلامي: “أصبح ضروريا وجود قسم مختص بالتحقق من المعلومات بكل منصة إعلامية، بالإضافة إلى إعادة تأهيل العاملين بوسائل الإعلام التقليدية والحديثة من أجل مواكبة التطور التكنولوجي الذي نعيشه اليوم”.

اترك تعليقاً