مشروع أصوات السلام

بقلم / أمل الشامي

ليس كافيا رفض مشاريع الحرب كما نظن، فهو أمر مُجد لكنه ليس كافيا رغم الأثر البالغ لـ(الكلمة) ووقعها على الساحة، بل بإمكاننا أن نرفع الأصوات الداعية للسلام والوحدة الاجتماعية خاصة في ظل التحريض غير المسبوق للكراهية ورفض الاختلاف، من خلال تنفيذ مشروع مؤثر هو (أصوات السلام) بموازاة التجربة التونسية.

ففي تونس هناك مشروع أطلقوا عليه اسم (أصوات السلام) يموله الاتحاد الأوروبي وينفذه معهد الأمم المتحدة الإقليمي لبحوث الجريمة والعدالة بالاشتراك مع المؤسسة الدولية لتعليم للمناظرة – الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويهدف المشروع إلى تعزيز مشاركة الشباب في المجالين العام والمدني وتخفيف ظاهرة العنف والتطرف التي تؤثر في المجتمع التونسي، بحكم أن الشباب التونسيين هم من أكثر الفئات تضررا من هذه الآفة.

ويرجع ذلك جزئيا إلى البطالة والتهميش وانعدام الفرص وضعف نوعية التعليم، وهذه الحالة شائعة خصوصا في أفقر المناطق وأكثرها حرمانا في هذا البلد، بالإضافة إلى أنه مشروع يهدف إلى توطيد السلام والدفع نحو مجتمعات أكثر انفتاحا وشمولية من خلال تمكين الشباب في مناطق مختلفة من المهارات الضرورية، مثل التفكير النقدي، حتى يتمكنوا من مواجهة هذه المشكلة.

نحن في اليمن نعيش حالة من فقدان الشعور بأهمية السلام، ونعيش -كشريحة شبابية كبيرة – صراعا مع الذات حول كون البيئة التي نعيش فيها ليست مؤهلة لفتح موضوع السلام ناهيك عن تطبيقه، لكننا في الوقت ذاته نرى أن افتقادنا لمثل هذا هو ناتج عن عدم الاهتمام الأممي بتوطيد علاقتنا مع السلام.

نريد مشروعا يتبنى (أصوات السلام) في سائر مختلف اليمن خاصة وأننا نؤمن ونوقن بأن كافة أطراف الصراع في هذه الحرب يعرقلون عملية السلام. يكون المشروع هادفاً إلى تعزيز مشاركة الشباب في المجتمع وتفعيل دورهم المؤثر مدنيا للتخفيف من ظواهر اجتماعية ورواسب أنتجتها الحرب مثل ظواهر التطرف والتكفير والتطييف والتأطير والتصنيف والتمييز والتخوين ووو الخ، ويكون العمل عليه جادا بحيث يرمي إلى الخروج بنتائج جادة وفعلية ، وبناء عليه يتم تسليط الضوء على مختلف الشرائح الاجتماعية اليمنية بما فيها شرائح الشباب ، والاهتمام بالمشكلات الاجتماعية (البطالة والتهميش وانعدام الفرص وضعف التعليم إلى درجة توجيهه سياسيا) ، والعمل فعليا على توطيد السلام والانفتاح بين أفراد المجتمع الواحد ولم الشمل وتمكين هؤلاء الأفراد من مهاراتهم وفتح الآفاق أمامهم وتحفيز القدرة على التفكير النقدي لمواجهة كل هذه المشكلات .

أصوات السلام بمثل هكذا مبادرة أممية لن تكون مسموعة فقط بل وستكون مرغوبة ، من خلال إجراء المناقشات واقعيا وإلكترونيا ، ومنح المكونات اليمنية فرص التعبير عن أنفسهم من خلال الحوار المنظم والإذاعة المحلية والمواقع الإلكترونية التي هي بمثابة منابر ، وكذلك إقامة حملات وطنية مختلفة ضد التطرف وضد أساليب الطائفية والكراهية والمشاريع اللامشروعة .

تنفيذ مثل هذا المشروع الشبابي في اليمن والقائم عليه شريحة الشباب لن تكون فوائده عائدة على الشباب وحدهم بل وعلى جميع مكونات المجتمع اليمني الباحث عن الطمأنينة في عصر الحرب المفترسة ، وإذا ما تم منح مثل هكذا مشروع الفرصة للخروج إلى النور ، فنحن نعطي العالم صورة ناصعة عن أننا (شعب سلام) ، رغم أن العالم كله يدرك أننا شعب سلام وشعب محب للحياة.

اترك تعليقاً