فرنسا تنهي الجدل وتسير قدما نحو تشريع قانون “الموت الرحيم”

بمبادرة من رئيس الجمهورية، دعي 184 مواطنًا في بداية شهر ديسمبر الماضي لإبداء رأيهم حول التطور المحتمل لقانون “كلايز ليزنيتي” بشأن نهاية الحياة الذي أقرته فرنسا عام 2016 ولا تطبقه بشكل واسع ويسمح لمقدمي الرعاية الطبية بالتخدير العميق للمرضى الذين لا أمل في حالتهم أو على وشك الموت والذين لا تطاق معاناتهم، مع وقف إمداد المريض بالماء والغذاء والأدوية إلى أن تنتهي العملية بالموت.

وبعد ثلاثة أشهر، أعلنت “اتفاقية المواطنين حول نهاية الحياة” يوم الأحد 2 أبريل 2023 عن موقف الأغلبية الرامي إلى تقنين الموت الرحيم أو الانتحار بمساعدة. وقدمت 146 مقترحا في هذا الشأن.

وعلى أساسها يعتزم رئيس الدولة بناء ما أسماه “النموذج الفرنسي في نهاية الحياة “بحسب ما أعلنه خلال كلمة ألقاها أمام المواطنين المشاركين في هذه الاتفاقية. كما يريد ماكرون “خطة وطنية لعشر سنوات لإدارة الالم والرعاية التلطيفية”. إلا أنه أغلق الباب أمام أي مساعدة في الموت للقصر.

رأي أسعد العديد من المنظمات، بما في ذلك جمعية “الحق في الموت بكرامة”، التي تناضل منذ أكثر من 20 سنة للحصول على هذا الحق داخل التراب الفرنسي، “يسعدني أن أرى أن أكثر من 76 % من المشاركين يؤيدون الموت الرحيم، وما فاجأنا أكثر هو خطاب ماكرون الذي جاء سريعا حول العمل على مشروع قانون منظم وهذا يعتبر سابقة”. يؤكد المندوب العام للجمعية، فيليب لوهيك لموقع “سكاي نيوز عربية”.

ويريد العديد من أعضاء الجمعية أن يكون القانون مستوحى من النموذج البلجيكي، الذي يسمح بالوصول إلى الموت الرحيم النشط الذي ينفذه الطبيب. عكس سويسرا حيث يُسمح فقط بالانتحار بمساعدة. وهذا يعني أن الشخص يجب أن يكون واعيًا تمامًا لقتل نفسه. في حين في فرنسا، يُسمح بالقتل الرحيم السلبي، أي رفض أو وقف العلاج الضروري للحفاظ على الحياة.

 في المقابل، دعا نائب رئيس مجلس نقابة الأطباء، جان مارسيل مورغ، إلى وضع حدود معينة لهذا الحق في الموت. وقال لموقع “سكاي نيوز عربية”، “نحن ضد أي إجراء للمساعدة الفعالة في الموت للأشخاص غير القادرين على التعبير عن إرادتهم أو القاصرين. مع استحضار ’بند الضمير‘، الذي يسمح للطبيب برفض القيام بعمل طبي من شأنه أن يتعارض مع قناعاته، أو “المنصوص عليها في القانون”.

ويصر مورغيس على أن موضوع “الموت الرحيم” “حساس للغاية” ولا يمكن أن يكون بالإجماع. ولكن حسب قوله “هناك إجماع على نقطتين، “شرط الضمير” المحدد وتوفير الوسائل للتطبيق الحقيقي لقانون “كلايس – ليونيتي”، أي استمرار التخدير في مرض عضال”.

 وإذا تم تغيير القانون نحو إضفاء الشرعية على المساعدة النشطة في الموت -القتل الرحيم و/أو الانتحار بمساعدة- تعتزم النقابة التأكيد على أنه لن يكون من المفضل مشاركة الطبيب في عملية من شأنها أن تؤدي إلى القتل الرحيم، لا يمكن للطبيب أن يتسبب في الوفاة عمدًا عن طريق إعطاء منتج مميت.

ويظن فيليب أن نتائج هذه الاتفاقية تتوافق مع رأي المجتمع الفرنسي. وبلغة الأرقام يشير إلى استطلاعات الرأي التي تفيد بأن أكثر من 80 % من الفرنسيين يؤيدون الموت الرحيم، وأنه من الضروري المضي قدمًا في هذا القانون، خصوصا بعد أن اتضحت لهم الصورة وتأكدوا أن القانون لا يمس المصابين بالتوحد أو المعاقين أو المصابين باكتئاب كما كان يشاع سابقا، لأنها ليست أمراض مستعصية ولا تسبب العذاب الذي نقصده”.